السبت، 7 يونيو 2014

تعنصر حتى لا تقول أُكلت يوم أكل الثور الأبيض


د. صالح عبدالرحيم السعيد- ٧ يونيو٢٠١٤

في عالم السياسة و أخبار الساسة يرددون مقولة " أُكلنا يوم أكل الثور الأبيض"، فهذه المقولة عنوان لقصة بطلها أسد مكّار أكل أربعة ثيران أولها الأبيض وبمساعدة الثور الأسود الذي استقر هو أيضاً في معدة الأسد في نهاية المطاف وهو يردد "أُكلت يوم أكل الثور الأبيض"، كناية عن أن سبب أكله هوْ، هوَ رضاه ومساعدته للأسد في أكل إخوانه .
الدرس المستفاد من هذه القصة الفلكلورية أن الفرد يجب أن ينتبه من العدو المتودد ولا يساعده في إهدار حقوق جماعته وأن الافتراق مدعاة لإعطاء فرصة أكبر للعدو للانقضاض على الجماعة، ولكن ما علاقة هذا القصة في التعنصر والعنصرية؟
نجد كثيراً من إخواننا وبني جلدتنا يقومون ببعض التصرفات الغريبة ، هذه التصرفات لم نعتد عليها في الماضي، ولم نسمع ممن سبقنا أنهم كانوا يلاحظون هذه الظاهرة المقيتة في المجتمع أنذاك.
أصبحنا نسمع كثيراً هذه الكلمات " انتبه فلن ينفع إلا ابن عمك"  فنجد كثير من القوانين تنتهك والحقوق تهدر بسبب هذه الكلمات صارت ممارسات الموظفين والمسؤلين تأخذ طريقين إما الطريق الذهبي السريع السهل وهو طريق أبناء العمومة والطائفة أو الطريق المتهالك الوعر البطيء وهو طريق العامة، مما أدى إلى وجود تجمعات عائلية وقبلية وطائفية في أروقة وإدارات الدولة، فهذه الإدارة للعائلة الفلانية وتلك المدرسة لايرسب بها من ينتسب للقبيلة الفلانية، و وزارة(س) لا يترقى بها إلا من كان من طائفة الوكيل. والعذر في هذه الممارسات النازية المجحفة هو مبدأ "الثور الأبيض".
ولكن من هو الخاسر في هذه المعادلة؟
طبعا الخاسرون كُثر .! أولهم الدولة مروراً على من لا يجد أو لا يؤمن بمبدأ "لن ينفعك إلا ابن عمك"  وانتهاءً بالمجتمع الذي لن يجد مجالا إلا في الركض وراء التعنصر فينتهي المطاف بتقسيم المقسم وفقد الروابط الاجتماعية و تهالك قوة النظام الاقتصادي و الاجتماعي والتعليمي والرياضي والصحي..... إلخ. باختصار دولة غير محترمة عاجزة وتحتضر .!
هناك بعض الإشارات التي نشاهدها يوميا تنبئنا بتفشي التعنصر في المجتمع والأخطر أنه يتفشى بين الأطفال أيضاً .! فما عليك إلا أن تتجول بين صور الإنستغرام و التغريدات و شعارات الواتس أب حتي تعرف إلى أي مدى وصلنا من التخندق في جهة العائلة أو القبيلة أو الطائفة.
أعزائي إن هذا الأمر لا يقيم دولة ولا يعطي مكاسب على المدى الطويل حتى ولو جاءتك بعض المكاسب العاجلة بسبب أبناء عمومتك الموجودين هنا وهناك، فيجب علينا أن يكون لدينا يقين بمبدأ الدولة وتقديم الكفاءة و التحلق حول القانون العام وفرد مسطرة واحدة على الجميع، فمستقبل أبنائنا من صميم مسؤولياتنا وهذا المستقبل لن يُصنع بهذه المبادىء الرثّة فلنبدأ  بترسيخ مبدأ "لن ينفعك إلا مجتمعك"، والعاقبة للمتقين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق